مراحل تطور مفاهيم التسويق

 

تطورت النظرة لمفهوم التسويق تبعا للتغيرات التي شهدهتا البيئة المحيطة بالمنظمة كالتطور التكنولوجي وزيادة حدة المنافسة وتغير السلوكات الشرائية للمستهلكني. فقد أدت زيادة الإنتاج إلى زيادة في عدد المنتجات وتشبع الأسواق وظهور المشكلات في بيع المنتجات، مما أدى إلى سوء استخدام الموارد وتدهور النتائج المالية للمنظمة، وانخفاض في الإيرادات وأحيانًا في إفلاس المنظمات، ففي مرحلة الإنتاج إن لم يصاحبها جهد تسويقي فاعل يساعد على تحديد احتياجات ورغبات المستهلك وزيادة حجم المبيعات والربحية التي تهدف إليها المنظمة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى عواقب اقتصادية سلبية مثل ظهور مشكلات اجتماعية مثل البطالة وغيرها.

تعريف التسويق: مجموعة من الأنشطة والوظائف والأساليب لتطوير السلع أو الخدمات بهدف زيادة قيمتها، مما يؤدي إلى تبادل ملائم بين البائع والمشتري لتحقيق المنفعة للطرفين.

 تطور مفاهيم التسويق: لقد مَرّ التسويق بعدة مراحل من التطور على مَرّ السنوات، اعتمادًا على مستوى تطور الإنتاج والطلب على المنتجات المعروضة، فقد تطورت مفاهيم التسويق بشكل مستمر، وبناءً على ذلك، تم تحديد التغييرات بشكل أساسي واستمر تحديدها من قبل الدولة والتفاعل في مكانة السوق مثل، المنظمة المصنعة (البائع) والمستهلك (المشتري) والدولة (السلطة) في تطوير الوسائل التقنية التي يتم تحسينها في ارتباط وثيق بتنمية المجتمع ككل.

1. مفهوم مرحلة التسويق الموجة بالإنتاج: في هذه المرحلة، يتم إنتاج كميات كبيرة من المنتجات حيث يزداد الطلب عليها بالنسبة إلى حجم العرض، ممَّا زاد بشكل كبير من توجه المصانع والمنظمات نحو الإنتاج، فالزيادة في الإنتاج تُقلِّل من التكاليف، وكانت جميع المنتجات تُوجد أسواقاً لتصريفها، ووفقًا لهذا المفهوم يتم التركيز على المنتجات المتاحة على نطاق واسع التي تباع بالسعر المناسب.

2. مفهوم مرحلة التسويق الموجة بالمنتج: تدور هذه المرحلة حول رد الفعل الإيجابي للمستهلكين على المنتجات الجديدة غير المكلفة والمصنعة جيدًا، أي أن المنتج الجيد يبيع نفسه بنفسه، إذ إن المستهلك يشتري المنتجات كحل لكي يشبع احتياجاته ورغباته ويهمه بالدرجة الأولى جودة المنتج وهو على علم ومعرفة بجودة وخصائص المنتجات المنافسة بالسوق، مما يتطلب من المنظمة أن تعمل بالدرجة الأولى على تحسين جودة ونوعية المنتجات من أجل الاحتفاظ بالعملاء وجذبهم، من ثم التغيير في اتجاه التسويق الرئيسي والانتقال التدريجي لمفهوم منتج جديد

3. مفهوم مرحلة التسويق الموجة للبيع: تهدف هذه المرحلة إلى زيادة الإنتاج بشكل كبير من خلال إدخال الأساليب العلمية لإدارة المشاريع، مما أدى إلى انخفاض كبير في العرض مقارنة بالطلب، وزيادة فرص التسوق بالنسبة للمستهلكين، حيث وصلت المنافسة بين البائعين إلى أعلى مستوياتها، وكان هدف المنظمة الأساسي هو الحصول على أدوات ترويجية ذات كفاءة فاعلة لبيع المنتجات للمستهلكين بغض النظر عن طلب المستهلك إليها، وقد ساد هذا المفهوم بعد أزمة الكساد العالمي في نهاية العقد الثاني من القرن الماضي وازداد الاهتمام بوظيفة البيع، ولكن فلسفة البيع لم تتغير فازداد استخدام الإعلان وظهرت أبحاث السوق لتزويد إدارة المنظمة بالمعلومات التسويقية اللازمة لترشيد القرارات المتعلقة بالإنتاج والتخزين والتوزيع ...إلخ.

4. مفهوم مرحلة التسويق الحديث: في هذه المرحلة، أصبحت المنظمات تعتمد على تحديد ما يريده المستهلكون ويحتاجون آلية، وتطوّير جميع الأنشطة التسويقيّة لتلبية احتياجاتهم بشكل فاعل، بدلاً من التركيز على إقناعهم بشراء منتجات المنظمة وهم بغير حاجة لها، إذ يعدّ المفهوم التسويقي أحدث فكرة في تاريخ علاقات التبادل، لاعتماده على إنتاج ما يمكن بيعه، حيث إن مهمة المنظمة تحديد حاجات ورغبات الأسواق المستهدفة (المستهلكون)، وقد تميزت هذه المرحلة بالسرعة في ابتكار منتجات جديدة لمسايرة سرعة تغير أذواق المستهلكين وازدادت شدة المنافسة من أجل جذب المستهلكين وكسب رضاهم، وقد ساعد على تطور هذا المفهوم عوامل كثيرة تكنولوجية واقتصادية واجتماعية، مما أصبح تحقيق الأهداف التنظيميّة للمنظمة يعتمد بشكل أساسيّ على تحديد احتياجات ورغبات الأسواق المستهدفة وتقديم الرضا المطلوب للعملاء بشكل أكثر فاعلية وكفاءة من منافسيها من المنظمات الأخرى.

5. مفهوم مرحلة التسويق الاجتماعي: في هذه المرحلة، تتعلق باستبدال التسويق التقليدي بمفهوم جديد قائم على نهج مسؤول لتسويق المنتجات ليس فقط من أجل المنفعة الشخصية ولكن أيضًا لصالح المستهلكين والمجتمع ككل، يشمل التسويق الاجتماعي مسؤولية المنظمة عن سلامة المنتجات، والصدق والنزاهة في الإعلان، وكذلك الإنصاف الموضوعي في التسعير على أساس الرغبة في ترشيد الاستهلاك، وإضفاء الطابع الإنساني على الإنتاج، وحماية البيئة للمجتمع من عمليات الإنتاج غير المرغوب فيها، وكما يركز على الجوانب المختلفة لتسويق المسؤولية الاجتماعية مثل، الممارسة والتطبيق وسلوكيات وأخلاقيات الممارسين للعملية التسويقية وإلى مساءلة المسؤولين أي محاسبتهم عن أي خطأ ناتج عن تقديم منتجات، حيث يربط باستمرار مصالح المنتجين والمستهلكين مع مصالح المجتمع ككل، كما يمكن أن يُعزى التسويق الخيري والعمل التطوعي للمنظمات والنهج المسؤول اجتماعيًا لممارسة الأعمال التسويقية وحماية البيئة إلى هذا المجال، حتى الآن لا يقتصر التسويق الاجتماعي على إظهار الصفات الشخصية الإيجابية لرواد الأعمال، لكنه يحدد المتطلبات التي يعدّ إشباعها في سوق تشهد ظروف تنافسية متزايدة باستمرار، والمسؤولية تجاه المجتمع تعني الالتزام تجاه المجتمع وحماية البيئة الطبيعية.

6. مفهوم مرحلة تسويق الخدمات: في هذه المرحلة، يتم التركيز على أحدث مفاهيم التسويق الحديث، أي على النهج القائم على الخدمات التي نشأت مع تنامي اتجاه الاقتصاد العالمي الحديث نحو تنظيم المشاريع في مجال الخدمات، لأن مستوى الخدمات وتقدم أدائها ونوعيتها من أحد المعايير المهمة لمستوى تحضر المجتمعات الحديثة، وفي البلدان المتقدمة يُطلق على المجتمع المستقبلي اسم اقتصاد الخدمات، لأنه يُعتقد أن أكثر من نصف الناتج القومي في العالم سيتم تنفيذه في قطاع الخدمات، حيث إن مفهوم الخدمات لا يغير الأهداف الرئيسة للتسويق، بل فقط التركيز على الحل الشامل للتسويق، إذ يحدث هذا التحول نحو الخدمة المقدمة للمستهلكين، أو بناء نظام خدمات فاعلة يسمح بجذب المزيد من العملاء الجدد لاستهلاك منتجات المنظمة أو خدماتها وكذلك المزيد من المشترين الدائمين للتمتع بالخدمة التي يتلقونها من المنظمة.

7. مفهوم مرحلة التسويق التفاعلي: هو اسلوب يقوم على التواصل بين المنظمة والعملاء بكافة اشكال الاتصالات التسويقية، بحيث لا تكتفي المنظمة في ارسال رسائلها للعميل بل تتلقى منه وتخلق حالة من التفاعل بين طرفي الرسالة، يفترض هذا المفهوم أن كل عميل يحتاج إلى نهجٍ فردي في عملية التفاعل معه، في الوقت نفسه يتمثل الهدف الرئيس للمنظمة في بناء نظام علاقات طويلة الأمد مع العملاء، مما يجعل نظام المعاملات أحد نقاط القوة الرئيسة لعوامل استقرار الأسواق للمنظمات .